السينما النسوية في الهند.. مخرجات يتحدين الصورة النمطية في بوليوود

السينما النسوية في الهند.. مخرجات يتحدين الصورة النمطية في بوليوود
الممثلات الهنديات كاني كوسروتي، تشايا كادام، ديفيا برابها والمخرجة بايال كاباديا

تشهد السينما الهندية، تدريجياً، تحولاً نوعياً تقوده النساء خلف الكاميرا، إذ بدأت مخرجات شابات وموهوبات في كسر الصورة النمطية الذكورية التي طبعت بوليوود لعقود طويلة، وذلك من خلال أفلام تعكس تجارب المرأة الواقعية وتطرح أسئلتها الحقيقية بعيداً عن الكليشيهات التقليدية.

وأكدت المخرجة ريما كاغتي، الأحد، أن الوضع بدأ يتغير فعلاً، موضحة أن عدد النساء اللواتي يكتبن ويخرجن أفلامهن بازدياد ملحوظ، مضيفة: "نتجه شيئاً فشيئاً إلى واقع أكثر صحة وواقعية في الصناعة"، وفق وكالة "فرانس برس".

ويبرز هذا التوجه النسوي جلياً في أعمال سينمائية عُرضت أخيراً، خصوصاً خارج الهند، وحققت صدى نقدياً واسعاً.

أفلام تمثل النساء

من أبرز هذه الأعمال فيلم "لاباتا ليديز" (Laapataa Ladies) للمخرجة كيران راو، والذي رشحته الهند رسمياً لتمثيلها في سباق الأوسكار 2025 لأفضل فيلم أجنبي، وكذلك فيلم "أول وي إيمادجن آز لايت" (All We Imagine as Light) للمخرجة بايال كاباديا الذي فاز بالجائزة الكبرى في مهرجان كان السينمائي الأخير.

وتطرح هذه الأعمال، إلى جانب فيلم "مسز" للمخرجة أراتي كاداف، قصص نساء هنديات يعشن واقعاً يومياً صعباً، ويعكسن تمرداً على القوالب الاجتماعية، خصوصاً تلك التي تحاصر النساء داخل الزواج أو الأدوار التقليدية.

وترى الباحثة الاجتماعية لاكشمي لينغام أن هذه الأفلام تعكس بالفعل واقع ملايين النساء في الهند، مشيرة إلى أن المشهد السينمائي التقليدي ما يزال يهيمن عليه الرجال، حيث أظهرت دراسة أجرتها عام 2023 على أكثر من ألفي دور سينمائي أن 72% من الأدوار كانت للرجال، مقابل 26% فقط للنساء، وغالباً ما كانت تلك الأدوار نمطية أو ثانوية.

وتضيف لينغام أن قصص النساء في السينما التجارية غالباً ما تتسم بالكراهية الضمنية أو المباشرة تجاه النساء، مشيرة إلى أن مخرجين من رواد السينما البديلة مثل شيام بينيغال جسدوا شخصيات نسائية قوية منذ سبعينيات القرن الماضي، لكن تلك المحاولات بقيت محدودة التأثير.

نساء في مواقع القوة

ورغم تزايد عدد المخرجات وكاتبات السيناريو والمنتجات، ما زال الطريق طويلاً أمام تحقيق تمثيل عادل للنساء خلف الكاميرا وفي مواقع اتخاذ القرار، بحسب كونكونا سين شارما، التي أعربت عن تفاؤل حذر إزاء مستقبل أكثر شمولاً.

وتشير الممثلة والمنتجة ضياء ميرزا إلى أن النساء يواجهن صعوبة في تمرير السيناريوهات التي تعكس واقعهن الحقيقي، لكن الوضع يتحسن مع دخول نساء قويات إلى الساحة الإنتاجية، ما يجعل السرديات أكثر تنوعاً وصدقاً.

ورغم النجاحات اللافتة، مثل تصدر فيلم الرعب الكوميدي "ستري 2" من بطولة شرادا كابور شباك التذاكر في عام 2024، متقدماً على أفلام نجوم كبار مثل شاه روخ خان، تبقى حركة التغيير بطيئة، إذ أظهر تقرير "أو وومانيا" أن المنتجات التنفيذيات شكّلن فقط 15% من أفلام العام الماضي، بزيادة ضئيلة عن نسبة 10% قبل عامين.

وتؤكد لينغام أن المشكلة الأساسية تكمن في تمويل الأفلام النسوية أو ذات الطابع المختلف، مشيرة إلى أن "لدى كاتبات السيناريو أفكاراً قوية وواقعية، لكن المنتجين لا يمنحونهن الدعم الكافي، لأن السوق ما زال محافظاً وذكورياً في توجهاته".

المستقبل النسوي رغم الصعاب

رغم العقبات، يبدو أن السينما النسوية في الهند بدأت تفرض نفسها ولو ببطء، مستفيدة من الزخم المتزايد للمنصات الرقمية والسينما المستقلة، ومن جيل جديد من المخرجات المتمردات على النظام التقليدي. 

وبات الرهان الآن على أن يتحول هذا التوجه إلى حركة شاملة تحدث فرقاً حقيقياً في أكثر الصناعات السينمائية إنتاجاً في العالم.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية